| 0 التعليقات ]

نجد أن تراث المنطقة يتألف من عدة مواضيع منها " الكدنداية والطنبور والسيرة و الدوبيت والجراري وسأعرض بعض المقاطع من التراث ومنها التي تغنى بها المبدع " صديق عباس ":

جفلت بيك أم قجة وطالت بيك المدة
الزول السنو فضة مالو السلام ما برده
قليبي الفرّة عشية أظنيتو طاري الجية
غني معاي يابنية لبن أم زور طاب ليّ

وهذا المقطع

يا يمة هوي أني الزول بريده وخاته حياتي في إيده
ود عمي أليتو بالحرقة ومن زولي مابريد الفرقة

إذا تمعن السامع قليلاً في محتوى هذا المقطع البسيط .. فهو يحمل مضمون حرية الإختيار الآن للفتاة .. والتي كانت محكومة ( بود عمها ) في السابق .. وتقول بواضح العبارة ( بهوي ) التحذيرية انها تحب إنسانا وأنها لن تتزوج إبن عمها مهما حصل ..
وهناك العديد من المقاطع التراثية وإذا أردنا أن نعرضها لأخذت منا عدد من الأيام والأوراق .. والحق يقال تحتاج إلى باحث يكرس لها جهده وأفكاره ووقته حتى يخرجها كما يجب ويليق بها وبتراثنا الجميل الغني بالعبارات السهلة والحكم والوصف الحي .. وكما هو الحال فإن الجمال والروعة التي يتميز بها شعراء المنطقة فهو آت من تعدد القبائل المتواجدة هناك مما يجعل طعماً خاصاً لأهلها ولا أعني أن هناك فرق في المعاني والمقصد ولكن تعدد التراث وامتزاجه ببعضه أدى إلى روعة ما يكتبه ويتغنى به .. وأحياناً يرتجل أهل المنطقة الغناء إرتجالاً فمثلاً الحكامة .. هي شاعرة غالباً تستعمل السجع في كلماتها وترتجلها في المناسبات الخاصة والرسمية .. والطنباري له كلماته القوية والمعبرة عن المناسبات والأحداث فهو ينقل خبراً ما أو حدث إلى الجمهور المتواجد بالحفلة بطريقة إرتجالية ولحن جديد بالرغم أن الإلحان تبدو للسامع متقاربة ولكنه ير تجلها ويرددها لأجل أن يستوعبها " الشيالة " وغالباً ما تكون من مقطعين أو ثلاثة وسأذكر إحداها

يا قماري قوقي ليّ وريني شن حصل للحبيب
طيري وقولي وليه زولك بدور لو طبيب
يداوي قليبو الإنجرح مادام معاك مافي نصيب

ورغم بساطة الكلمات نرى أنه سأل القماري ولم يقل كلميني لأن الكلام جاف وقد يجرحه ولكنه إستعمل ( قوقي) أي أطلقي لحنك وأخبريني عن حبيبي ولم يأتي برد القماري وكأنما أوصل مضمون الرد خيالياً وأمرها مباشرة بالذهاب وإخبار الحبيب بأنه يحتاج إلى طبيب يداوي قلبه المجروح ويبدو أن الحبيب هجره أو إصطفى سواه لأنه ألحق مادم معاك مافي نصيب وفي الغزل صراحة يرتجلها الطمباري في حينها مثلا

اللابسة التوب الإخيضر أني قليبي فر ليك
لوقالو عنتر مجنون ليلى أني الجنيت بيك

وهناك العديد العديد من التراث والأغاني التراثية في المنطقة وكما أسلفت فإن أردنا أن نتطرق إليها جميعها لأخذت منا صفحات وصفحات والأجدر بها باحثاً يجمع أشتاتها ويعرف تفاصيلها.. ويعرف بها خير تعريف .
وللحديث عن قبائل المنطقة إضافة للقبيلة الأم نجد للعلم لا للحصر جميع القبائل السودانية تقريباً قبائل الجنوب والشمال والغرب والقليل من الشرق مما أدى ذلك إلى تعدد الثقافات فجعل المدينة تزخر بثقافة ضخمة وتراث متكامل وإنصهار القبائل مع بعضها وتصاهرهم صنع ذاك التوازن الإجتماعي وجعل الفرد من بينهم لا يتميز عن الآخر ، وهذا التعدد يعني كثرة اللهجات واللكنات ولكن عندما نسمع قصيدة أو نقرأ قصة فإننا نجد لغة واحدة " حسب مقتضيات المؤلف" وهذا حسب رأي يرجع إلى البيئة المحيطة بالمؤلفين والطبيعة لها الأثر الأكبر في التكوين النفسي والتأثير الإيجابي لتفكير الكاتب وسوقه إلى المواضيع التي منها يستوحى المؤلف ... وإذا نظرنا إلى كلمات شاعرنا عمر الأحدب

جدي الريل أبو كزيمة تعال نتمشى في الغيمة
غيمة ريد تصب في رهيد شواطيه الخضر ديمة

سنرى حتماً تأثير البيئة على تفكير الشاعر وبما اننا بعيدون كل البعد عن النيل والبحر إلاّ أن للرهد في خريف الريف منظر قد يكون يماثل البحر ولكن شواطئه لا تفتأ من أن تكون خضراء تسر الناظر وتشرح صدر المتكدر وتجذب إليها خيال العاشق وهذا حسب فهمي للمقطع .. ورؤيتي للمعنى .. وللشاعر إحساسه الخاص وقت الكتابة وللقارئ أو المستمع فهمه الخاص وقت القراءة >>>
للموضوع نهاية ستأتي قريبا

عمر حبيبي
رابط الصفحة الأصلية

عمر حبيبي merart@gmail.com +249 122909120 http://www.daleelart.com/

0 التعليقات

إرسال تعليق