| 0 التعليقات ]

حبابكم عشرة
...تابع القراءة

| 0 التعليقات ]

سيف الدين عبد الحميد
استرعى انتباهى وأنا أطالع كتاب الضابط الإدارى محمد المريود على " تجربتى الإدارية فى السودان بين النظرية والواقع" أن الكتاب قد حوى على 61 صفحة عن دار حمر من مجموع صفحات الكتاب البالغة 165 صفحة من القطع المتوسط. وهذا يدل على أن الكاتب اجتاز تجربة ثرة فى الحكم فى دار حمر التى قال إن الفترة التى قضاها فيها ( 1985ــ 1988) صقلت تجربته وأفادته أيما فائدة. ولعل المريود نحا فى كتاب تجربته فى الحكم المحلى منحى إداريين آخرين سبقوه مثل حسين شرفى الذى أودع تجربته فى مؤلف سماه " صور من الأداء الإدارى فى السودان" وتلك تجربة استغرقت 31 عاماً من 1942 إلى 1973 حيث أقاله النظام المايوى الجائر بعيْد أحداث شعبان 1393هـ. وما يلفت فى كتاب المريود الإسهاب الوافى عن تاريخ قبيلة حمر وتكويناتها العشائرية وتقاليدها وأنشطتها، فعندما يتحدث عن منطقة النهود يقول: ( تسكن هذه المنطقة قبيلة حمر وتنقسم إلى فرعين رئيسين هما العساكرة والدقاقيم يتفرع منهما بطون وأفخاذ وعدة أقليات متباينة عاشت وانصهرت وتصاهرت معهم منذ عهد الشيخ مكى أبو المليح. ولم تعد هناك أى فوارق أو حساسيات بينهم...) حيث يجمل الكتاب هذه الفروع فى 28 فرعاً والأقليات فى 18 فرعاً قبلياً ممتزجاً مع فروع حمر. وفى هذا يقول الشيخ مكى أبو المليح الذى خلف والده الحاج منعم على زعامة القبيلة فى الفترة ما بين 1850ــ 1870م أن حمر " فروة نمر" أى إذا كانت الألوان متعددة فإن أرضية " فروة" جلد النمر تتكون من لون واحد هو لون القبيلة. ومن صفات هذه القبيلة ماضياً وحاضراً الفروسية حيث اشتهر أفرادها بالشجاعة وليس أدل على ذلك تاريخياً من معاركهم مع جيرانهم فى الشمال والجنوب بعد حصول زعيمهم الحاج منعم ود سالم تريشو على صك من السلطان حسين بن السلطان محمد الفضل لتمليكه داراً للقبيلة مقابل مبلغ من المال، كما كان أفرادها أنصاراً للمهدية كالشيخ عبد الرحيم أبودقل جدّ السيد/ محمد عمر عبد الرحيم " الأحدب" مفتش صحة النهود. ولعل الكيان الجغرافى والعشائرى تبلور بصورة واضحة بعد الحكم الإنجليزى والتقسيم الإدارى الذى انتظم البلاد لتصبح دار حمر كياناً إدارياً يحكمه مفتش إنجليزى جنباً إلى جنب مع زعيم الإدارة الأهلية منعم منصور محمد الشيخ " 1898ــ 1979" الذى تولى دفتها عام 1927م خلفاً لعمه إسماعيل قراض القش. وقد وصف مكاوى سليمان أكرت الشيخ منعم بأنه " رجلٌ وديع المظهر قوىّ المخبر ذو شخصية جذابة وله اليد الطولى فى توحيد قبيلة حمر وإذابة أى حساسيات بين بطونها وأفخاذها، وإذا كان الشيخ مكى أبو المليح هو جامع القبيلة فإن الشيخ منعم هو موحّدها فى نسيج متآلف متماسك" المريود صـ96. وفى الواقع إن هذه القبيلة أريحية الطابع دأبت منذ زمن على استيعاب القبائل الأخرى ومنحها شرتاويات " عموديات" شريطة التزام القبيلة المعنية guest tribe بناموس القبيلة المضيفة host tribe. ولم تقتصر استضافة دار حمر على القبائل فحسب بل تعدتها لاستضافة الأسر أيضاً، ومثال ذلك أسرة تسكن فى إحدى قرى الخوى وتنتمى لقبيلة المرامْرة " دار حامد" حيث أتى والدها الأكبر من جهة المقنص " شرق بارا"، وقد كان العمدة عبد الماجد حامد عمدة المرامرة بالشاوة والمقنص يأتى لهذه الأسرة حتى عهد قريب لتحصيل ضريبة القطعان " الطلْبة". وقد عانت دار حمر ــ شأن الديار والقبائل الأخرى ــ من السيف الذى سلّطه الرجل المتسرع على الإدارة الأهلية دون تروّّ ٍ أو دراسة فى الفترة ما بين 1970ــ 1984م ولم يحفظ الدور المشهود والمشهور لها فى الحفاظ على البيئة والغابات ومحاربة الجريمة حيث جاس التنابلة المتقعرون من أنصار تلك الفترة خلال الديار خراباً فتداعى النسيج الاجتماعى إلى يومنا هذا. حدثنى أحدهم ــ والحديث على ذمة الراوى ــ أن جعفر محمد على بخيت كتب قبيل انقلاب مايو عن دور الإدارة الأهلية وأهميتها مستشهداً بنفوذها حتى فى البلدان المتقدمة مما جعل هذه البلدان تعيّن عُمداً للعواصم مثل عمدة لندن وعمدة نيويورك وعمدة أثينا، وسرعان ما عدل هذا المفكر عن رأيه بعد مجيىء مايو وانهال بقلمه الأكاديمى الدوغماتى انتقاداً للإدارة الأهلية!! ولو كان أمثال هذا المفكر ــ الذى اختلس الزمانَ اختلاساً فاختلسه الزمانُ اختلاساً ــ يَعُون الواقع ويفكرون بواقعية تفكير محمد المريود وقبله هندرسون مفتش غرب كردفان لوضعوا النقاط فوق الحروف وربطوا الحاضر بالماضى ربطاً عضوياً لا استلابياً. وهندرسون كتب مذكرته الضافية عن دار حمر عام 1934م تحت عنوان: " مذكرة حول تاريخ قبيلة حمر" وهى بين أيدينا الآن باللغة الإنجليزية وقد شملت محتوياتها تسعة فصول هى: 1. فروع حمر. 2. دار حمر وسكانها السابقون. 3. أصول قبيلة حمر ونموّها. 4. الحاج منعم واسماعين سكاك: 1796ــ 1849م. 5. مكى أبو المليح: 1850ــ 1870م. 6. الدقاقيم وخلفاء مكى: 1870ــ 1880م. 7. انشقاق الغريسية ــ عبد الرحيم أبودقل: 1870ــ 1898م. 8. دخول الأغراب وكسوف حمر: 1885ــ 1925م. 9. نهضة حمر: منعم منصور محمد الشيخ. وبالطبع لم تقتصر الكتابة عن دار حمر على ما كتبه هندرسون ومحمد المريود على ــ وإن كتب هذان بإمعان ودراية وتفصيل ــ فقد تعرض لها أيضاً نعوم شقير وماكمايكل وغيرهما من المؤرخين، كما زارها الشعراء مثل العباسى والمحجوب وعبد الحليم على طه، وقد وصف العباسى رحلته إليها من الخرطوم وحيا فيها صديقه خلف الله خالد فى قصيدة ألقاها فى نادى السلام، حيث يقول: أثرتها وهى بالخرطوم فانتبذت للغرب تقذف جلموداً بجلمـــــــــــود تؤمّ تلقاء من نهوى وكم قطعت بنا بطاحاً وكم جابت لصيخــــــــــودنجدّ يرفعنا آلٌ ويخفضنــــــــــا آلٌ وتلفظنـــــا بيـــــدٌ إلى بيــــــــــــدحتى تراءت لحادينا النهود وقـد جئنا على قـدرٍ: حتمٍ وموعــــــــــــود معالمٌ قد أثارت فى جوانحنـــــا شوق الغريـر لمهضوم الحشـا الـرود ويتميز حمر بالكرم الأصيل، يكرمونك ولو على صحن بليلة، فقد عملنا معهم وعاشرناهم وأظلتنا قطاطيهم ورواكيبهم وأشجارهم وكأنهم هم الذين عناهم الجاغريو عندما قال: أنحنا المامْنكِنّ الزاد ونتحشربو ونحنا الما مندّى عطانا نتفشربوونحنا الموت بنتلقاهـو نتباشربوونحنا هنيـة الولد المنتعاشربـــو ومن تقاليدهم الحميدة فى استغلال الأرض أن المواطن الحمرى إذا غاب عن منطقته وأرضه لمدة ثلاث سنوات فإن الشيخ يقوم بنزعها ومنحها لمواطن آخر لاستزراعها، لذا تجدهم مرتبطين بالأرض ارتباطاً وثيقاً. ومن تقاليدهم " دق النحاس" إذا طرأ طارىء، فالنحاس تقليد قبلى راسخ بمثابة الأداة الإعلامية. وقد استمرت هذه التقاليد حتى بعد حل الإدارة الأهلية، فالزعيم أو الناظر ظل ملجأ للمستغيث، وهكذا كان الناظر المرحوم/ منعم منصور حتى وفاته فى فبراير 1979م ولا يزال ابنه عبد القادر منعم الذى خلف أخاه المرحوم/ منصور منعم عام 1985م يدير دفة قبيلة حمر بحنكة واقتدار حيث يقول عنه محمد المريود فى صـ99: ( ويعتبر من أميز الشخصيات القبلية التى تمتاز بالثقافة والحنكة والتجربة فى مجال العمل الإدارى الأهلى، فقد تلقى تعليمه بمدرسة خور طقت الثانوية العليا وبعدها تم انتخابه شرتاى لمنطقة " أم قرناً جاك" وكانت منطقة جديدة كثيرة المنازعات وتقع فى الحدود مع أكثر القبائل احتكاكاً وهم المسيرية ولكنه استطاع ورغم صغر سنه تسيير أمورها إلى أن تم تعيينه رئيساً لمحكمتها أيضاً واستمر فى العمل الإدارى بجانب العمل القضائى. وكان من أوائل الشراتى الذين يقومون بتسديد ضريبة القطعان وفتح خطوط النار ومعالجة المشاكل المحلية والقبلية. وفى عام 1970م شملته التصفية ضمن جهاز الإدارة الأهلية. فاختار أن ينازل النظام الجديد وفق أصول اللعبة التى اختارها ووضع قواعدها. وترشح فى مجلس الشعب القومى الأول حيث حاز على أكبر الأصوات بالمنطقة عندما كانت الدائرة تشمل " النهود والأضية"، كما فاز فى البرلمان الثانى والثالث وكذلك البرلمان الرابع. وعندما عزف عن العمل السياسى فى ظل مايو تفرغ لأعماله التجارية المختلفة إلى أن اجتمعت القبيلة على اختياره ناظراً لها فى 23/10/1985م. ويتكون جهاز الإدارة الأهلية الذى يرأسه من 30 شرتاوية و1455 مشيخة). ولما كنت أعمل فى الإدارة المحلية لفترة فى هذه المنطقة رأيت حفظاً لحقوق الرجال وتأييداً لما جاء فى تقييم المريود لكفاءة ناظر حمر أن استشهد بحادثتين قبليتين كنت شاهداً على مؤتمريهما حيث استطاع الناظر/ عبد القادر منعم منصور حسمهما بحكمة وخبرة: الحادثة الأولى كانت " حمريةــ حمرية" وقعت بين فرعين من فروع حمر هما الصّبحة والتيايسة فى منطقة دردوق " ريف صقع الجمل" حيث عقد لها مؤتمر أهلى فى دردوق بضيافة المواطن/ البريدو عثمان يوم الجمعة 30/9/1988م، والحادثة الثانية كانت " حمرية- مجنونية" بسبب حوادث قتل فى السعاتة أبزرد " ريف أبى زبد" بين بنى بدر " حمر" والمساعيد " مجانين" آخر عام 1990م وقد رتب مؤتمر صلح لتسويتها فى قاعة مجلس منطقة النهود يوم السبت 2/2/1991م تم فيه رأب الصدع بين القبيلتين فى نفس اليوم. ولا غرو أن اجتمعت قبائل السودان فى مؤتمر الإدارة الأهلية بالخرطوم عام 1991م على تنصيب عبد القادر منعم منصور أميراً للأمراء وهو الذى قال فيه الشاعر: وبينهم ناظرٌ رقـت شمائلــــــه شهمٌ يعين على دفع المعانــــــاةفإنّ سمعة عبد القادر اشتهرت بين القبائل أهـلاً للمــــــــروءاتِوشُرفت حمرٌ عزاً ومنزلــــة ً أنْ صار ناظرَها نجلُ الطرادات ولتبق التحية لدار حمر: مواطنيها وناظرها وشراتيها وأعيانها الشامخين شموخ تبلديها من المفرية شرقاً وحتى الشرفة غرباً ومن دندنة جنوباً حتى عديد الفرش شمالاً والتحية لرجل الحكم المحلى صاحب الكفاءة الإدارية النادرة محمد المريود على الذى سلّط الضوء على دار حمر وأهلها أبناء محمد الأحمر.
المصدر : صحيفة الصحافة:النسخة الاكترونية
...تابع القراءة

| 0 التعليقات ]

انتشرت الطريقة التجانية وازدهرت تحت رعاية المجموعات الإفريقية في منطقة البرداب – شمال كادوقلي (36) كما قام الشيخ عمر آدم عمر الفولاني ( 1910 – 1989م)ببناء المساجد والخلوات ودور المؤسسات وإمامة المسجد الكبير في مدينة ( أبوجبيهة ) إلى جانب قيامه بإنفاق الأموال للفقراء والمساكين ونتج عن ذلك انتشار الطريقة التجانية والتواصل الاجتماعي وسط قبائل جنوب كردفان وبصفة خاصة وسط قبائل الفولاني وكنانة وأولاد حميد (37) كما انتشرت الطريقة التجانية في شمال كردفان في منطقة شركيلا بواسطة الشيخ إسماعيل محمد منقة وقد هاجر هذا الشيخ وأخوه أحمد من شمال نيجيريا بهدف الحج وزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم فأخذ في تلقي العلم في الحجاز وقد أخذ الطريقة التجانية على يد الشيخ محمد الحافظ المصري أثناء زيارته لمنطقة أم روابة عام 1946م وجددها على يد حفيد الشيخ التجاني السيد ابن عمر في طوافه بكردفان وقد ظل أماما لجامع شركيلا لمدة نصف قرن من الزمان وساهم في الدعوة الإسلامية في جبال النوبا (38) .كما ساهم الشريف أحمد حماه الله في نشر الطريقة التجانية في كردفان وكان ميلاده في الجنوب الموريتاني عام 1928م في بيت علم ودين وتنقل في صباه بين تمبكتو وفاس مصاحبا لأبيه حماه الله بن عبدالمؤمن والذي كان من كبار العلماء في البلاد وقد تربى الشيخ الشريف أحمد حماه الله وسط إخوته عبدالرحمن وسعيد وسعد وموسى والتجاني وأخواته زينب وأم كلثوم وأمه وكان واسطة هذا العقد أما والدته حفصه بن موسى فكانت تعلم النساء والأطفال ثم هاجرت أسرته إلى مدينة تمبكتو بجمهورية مالي في عام 1944م وقضى فيها بقية شبابه ثم سافر إلى الحجاز لأداء فريضة الحج وأخذ بعد ذلك الطريقة التجانية عن الشيخ الشريف محمد الأخضر وعاد بعد الحج ودخل إلى كردفان ناشرا الطريقة التجانية في كل من بارا وأم بادر وفي دار حمر حيث طاف بها في مناطق أم بل – ريفي ود بندة – وفوجه والنهود ثم استقر في حي البترول بمدينة الأبيض وقد عرف بتقواه وزهده وطيب معشره (39)وهناك دوافع دينية واقتصادية وسياسية ساعدت على هذه الهجرات من غرب إفريقيا وأثرت على الأوضاع السكانية والاقتصادية والاجتماعية ونتج عنها التوطن والاستقرار في السودان والاختلاط الاجتماعي في الزواج (40) مثلما حدث في دار حمر بين مهاجرين من غرب إفريقيا وأسر حمرية معروفة في النهود وبين مهاجرين وبادية حمر الذين اعتادوا تمضية فصل الصيف – الدمر – حول آبار النهود (41).كما هاجر الشريف الزبال من غرب إفريقيا واشتهر بالكرامات وهو من أوائل العلماء الذين أدخلوا الطريقة التجانية في النهود سنة 1860م ودفن في مدينة النهود في مقبرة عرفت باسمه تقع جنوب شرق المدينة وله حي باسم الشريف الزبال(42).
...تابع القراءة

| 0 التعليقات ]

بقلم / حسن حامد مشيكة مساعد أمين الشؤون العلمية جامعة الخرطوم نظرات تمهيدية دأبت مدينة النهود حاضرة قبائل (حمر) ذات التاريخ التليد والعريق تضرب أروع الأمثلة في التعايش السلمي بين مختلف قبائل السودان. فبجانب قبائل حمر تعيش في النهود منذ العهد التركي المصري في السودان قبائل الشايقية والجعليين والدناقلة وغيرهم من القبائل، هاجرت إليها من شمال السودان، وكذلك جاءت بعض القبائل من وسط السودان بغرض العمل في مجال التجارة، وأفراد شماليون آخرون جاءوا من إقليم بحر الغزال هرباً من أن يلحق بهم ضرر نسبةً لما كانوا يخشونه من عواقب ممارستهم لتجارة الرقيق، فاحتموا بمدينة النهود. وكذلك وفدت إليها قبائل من جنوب وشرق كردفان، ومن غرب السودان، بل من بعض الدول المجاورة للسودان من ناحية الغرب. كل هؤلاء سكنوا وتعايشوا مع قبيلة حمر صاحبة الدار رغم انهم لم ينصهروا فيها بل تأثرت هذه القبائل لحد كبير بالثقافة الحمرية وتمازجت ثقافتها مع المورثات المحلية، واثر هذا التمازج الثقافي على النسيج الاجتماعي في المدينة وشكل لوحة صارخة الألوان يمكن وصفها بأنها تشابه قطعة الفسيفساء. { لقد كان يتزعم قبائل حمر منذ العهد التركي الشيخ (مكي أبو المليح) القائد الفذ ذو الشخصية الكارزمية الذي استطاع أن يوحد قبائل حمر، وأن يسوسهم بكفاءة واقتدار، وكان مكي نموذجاً للقائد المحنك الذي شهدت قبائل حمر في عهده الازدهار والمنعة. ووصف الشيخ مكي حمر بقوله (حمر فروة نمر)؛ أي أنهم قبائل متنوعة مثل جلد النمر الذي يتكون من أكثر من لون. ويضيف أن كل من تزوج من حمر وعاش وسطهم فهو حمري، هذه مقولة لا تقبل الجدل ولا تحتمل التأويل. إن هذه النظرة الثاقبة التي أراد بها مكي تقوية وشائج الأخوة وتمتين أواصر الوحدة بين أهله ومن تزوج منهم واستقر معهم؛ تنم عن رجاحة عقله وقدرته كزعيم أن يزيح عن أفراد قبيلته التعصب القبلي الممقوت الذي بدأ البعض اليوم، وللأسف الشديد، يروِّج له لأغراض دنيئة، فهلا تنبهنا لهذا وعملنا جاهدين على معالجة داء العصبية القبلية في السودان ومنعه من أن يستشري في دماء حمر، بالرغم من أن مدينة النهود لم تتفشَّ فيها هذه الظاهرة بصورة مخيفة. إن المدينة في الواقع كانت ومازالت تضرب أروع الأمثلة في التعايش السلمي بين جميع سكانها، فهي المدينة التي إختارت (محمد أحمد ابورنات) عمدةً لها بالرغم من أنَه من شمال السودان من قرية (أبورنات) التي ينحدر أهلها من أصولٍ شايقية، وكانت له محكمة شعبية ذائعة الصيت في قلب مدينة النهود، ووجد تعاوناً تاماً من زعماء قبائل حمر . وبعد وفاته خلفه أبناؤه على رئاسة المحكمة وكان آخرهم العمدة ميرغني (عليه رحمة الله). { وكان لزعيم قبائل الحمر الشيخ (منعم منصور) محكمة أخرى في المدينة أدارها خلال نصف قرن من الزمان تقريباً بأسلوب متفرد، وقد اثنى على ذلك (السير جيمس روبرتسون) مفتش مركز النهود في منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي، والذي تبوأ منصب السكرتير الإداري في السودان فيما بعد، حيث قال عن الشيخ منعم : ( ... ما كان للعدل أن يسود ولا للأمن أن يستتب لولا أن توفر لقيادة قبيلة حمر رجل أقرب للملائكة منه إلى البشر) . ثم خلفه بعد وفاته في العام 1979م ابنه منصور الذي توفي في العام 1985م ، وخلفه أخوه (عبد القادر منعم) زعيم قبائل حمر الحالي (الرجل المثقف، الشاعر الفذ، خريج مدرسة خور طقت الثانوية) والذي سار على نهج والده ، وهو يتسم بروح الأبوة والقدرة على إدارة شؤون القبيلة بكفاءة عالية . وفي العام 1992م ، وتأكيداً لما ذهبنا إليه، ُلُقِّب بأمير أمراء قبائل السودان ، وظل قائداً إدارياً فذاً لما يقارب العقدين ونصف العقد من الزمان (أي منذ العام 1985م وحتى تاريخ اليوم) ، رغم العواصف العاتية التي تعرض لها والتي كانت بفعل بعض أبناء جلدته الذين حاولوا أن يتمردوا عليه. وقد اتخذ الأمير عبد القادر من النهود مقراً له ، وبوجوده فيها نجده يمثل امتداداً لسلفه . { وللنهود خصوصية تاريخية تتمثل في الدور الرائد الذي لعبته في مختلف الحقب التاريخة بفضل قياداتها الإدارية الأهلية منذ التركية ، فالمهدية ، والحكم الثنائي ، مروراً بالعهد الوطني . فعلى سبيل المثال تصدى أهل النهود للغزاة الأتراك وساندوا ودعموا المهدويين وهم يقاومون المعتدين الذين أذاقوا الشعب السوداني الويل والعذاب وعملوا على نهب ثرواته . ودورهم في العهد الوطني لا يخفى على أحد ، فيكفيهم فخراً أنَ النهود احتضنت أول نادٍ ثقافي اجتماعي تأسس في السودان في العام 1917م ويسمى (نادي السلام) ، وقد سبق هذا النادي نادي الخريجين بأم درمان الذي تأسس هو الآخر في العام 1918م. وكان نادي السلام حينها مسرحاً للنشاط السياسي الخفي وإن بدأ ثقافياً، حيث كان له دوره الرائد في الحركة الوطنية السودانية التي أدت إلى استقلال السودان من داخل البرلمان في 19 ديسمبر 1955م. ومهما يكن من أمر، فإن النهود مدينة آسرة ، أهلها بسطاء، رغم أنها غنية بمورادها الاقتصادية. واجتماعياً يمثل أهلها نموذجاً متفرداً في الترابط الاجتماعي في الأتراح والأفراح قلما يوجد مثيل له في أية مدينة سودانية أخرى .فهي المدينة الثانية مباشرة ـ من جميع النواحي ـ بعد مدينة الأبيض (عروس الرمال)، ورغم أنَها قدمت الكثير للسودان غير أن نصيبها من التنمية والتطور كان دوماً ضئيلاً على مر الحقب التاريخية . فلم تحظَ بطريق معبد يربطها بتوأمتها مدينة الأبيض إلا مؤخراً. وقد وصف البروفسير (صالح بيلو) الطريق قبل تعبيده بأنه (طريق قاطعُ للأرحام) فماذا ياترى يقول البروف الآن حول الطريق؟ .وبمحاولة استذكار الماضي والنظر بتروٍ إلى الحاضر نتطلع إلى مستقبل منظور علًه يحقق بعضاً من المرغوب والمطلوب لأهل النهود الكرماء البسطاء في ظل واقعِ معقدٍ تعيشه الدولة السودانية اليوم. ولأن النهود دائماً حاضرة في الوجدان وباقيةً في القلب والذاكرة، دعونا نطرح بعض الأسئلة المهمة لنجيب عنها في ثنايا هذا المقال. من أين جاء اسم النهود؟ ولماذا نحن نردد دائماً أن أول نادٍ في السودان هو نادي الخريجين في أم درمان؟ فعدم تبيان أن نادي السلام في النهود هو أول نادٍ تأسس في السودان أمرٌ يسترعي الانتباه وينم ربما - عن سوء قصد من رواد المدرسة التأريخية السودانية. ودعونا نتساءل أيضاً: ماهو دور الإدارة الأهلية في المدينة وأريافها لإدامة التعايش السلمي بين أهلها؟ وكيف يمكن تحقيق إدارة تنمية خلاقة في النهود؟ وماهي الرؤية المستقبلية للمدينة في ظل النظام الفيدرالي الحالي الذي قضى بتذويب الجزء الشمالي من ولاية غرب كردفان في ولاية شمال كردفان، وهل هذا هو الوضع الطبيعي لشمال كردفان أم أن هناك خياراً آخر؟. النهود .. أبوبردي .. { كانت مدينة النهود في النصف الأول من القرن التاسع عشر تسمى (أبو بردي) ويعود الاسم لشخص يسمى أبو بردي كان يعمل في خدمة الناظر حمد فتين زعيم فرع الدقاقيم (أحد فروع قبائل حمر) . ولقد جاء أبو بردي بحثاً عن الماء في موقع النهود الحالي وبالتحديد على بعد أمتار شمال شرق سينما النهود الحالية، حيث تمكن من الحصول على الماء بعد حفره لبئر في هذا المكان. وبشَر زعيمه بذلك ومن ثم بدأ حمر يتجمعون حول هذه البئر واستقروا بالقرب منها. ومن ثم بدأ الناس ينزحون إلى منطقة (أبوبردي) . وفي تطور لاحق سُمِّيت المنطقة بالنهود ، حيث كان الناس ينعتونها بهذا الاسم، ذلك لأنَ هنالك جبل يقع شرق المدينة .وصارت تحمل هذا الاسم منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا. وكانت النهود عبارة عن بركة مياه كبيرة تكثر فيها الغابات والحيوانات المفترسة. وكان الإسماعيلية اصحاب الطريق الصوفية السودانية الوحيدة الخالصة من المعمرين الأوائل لمدينة النهود في موقعها القديم في منطقة (أورقد فايق) التي تقع غرب المدينة الحالية، والتي أحاط بها الحمر من كل جانب. نادي السلام الثقافي الاجتماعي .. كانت توجد بمدينة النهود غرفة مخصصة للقاء مأمور النهود المصري للتعرف على التجار بغرض تسهيل شؤونهم التجارية. وقد َسمى التجار مكان التلاقي (بغرفة السلام). وكان رئيس التجار يدعى حسين شلبي (من ام درمان). لقد اتفق كبار التجار وكبار الموظفين وبعض الأجانب من السوريين على تسمية تلك الغرفة (نادي) أسوة بأندية مصر. وتم افتتاح نادي السلام في موقعه الحالي في العام 1917م، وأول من تقلد منصب رئيس النادي هو سر التجار حسين شلبي. وقد سمى أعضاء نادي السلام ناديهم ببرلمان النهود؛ فكانت تناقش فيه مشكلة المياه، ومشكلة التعليم وغيرها من المشكلات. والحق يقال فقد كان للنادي دور فعاَل . فمثلاً المدرسة الوسطى الأميرية بالنهود جاءت فكرة إنشائها من داخل النادي. وكذلك كان (مال) الوفد الذي سافر إلى مصر في 22 مارس 1953 بغرض تقرير مصير السودان قد ساهم فيه نادي السلام بقدر كبير. وكانت المساهمات تأتي من كافة شرائح المجتمع في النهود. وجاء أحمد خير المحامي صاحب (كفاح جيل) مرتين إلى النهود للتنسيق من أجل الكفاح الوطني ، وكان نادي السلام وما زال ملتقىً لأهل الفن والثقافة، وشهد منذ انشائه قيام العديد من الأنشطة الاجتماعية والثقافية. وُقدَمت في النادي أروع المسرحيات. وشهد هذا النادي أيضاً - بزوغ نجم الشاعر الكبير ابن النهود (الحسين الحسن) وشقيقه الدكتور (تاج السر الحسن) الذي كتب في الخمسينيات من القرن المنصرم في مدينة النهود رائعته (آسيا وإفريقيا) التي ترجمت إلى عدد من اللغات الأجنبية. وكتب الشاعر الفحل محمد سعيد العباسي قصيدة عن النهود وفاءً لصديقه (خلف الله خالد) الذي كان يعمل بالنهود . وأُسس في مدينة النهود ثاني معهد علمي على مستوى السودان، بعد المعهد العلمي بأمدرمان، وكان منارة للإشعاع الديني والأدبي. وقد خرًج هذا المعهد لفيفًا من العلماء الذين أكملوا دراساتهم الاسلامية في الأزهر الشريف. الإدارة الأهلية بين الماضي والحاضر .. قبائل (حمر) اسم له بريق خاص في حاضرتهم مدينة النهود التي تحلَقوا حولها منذ العهد التركي المصري في السودان كما أسلفنا. وإن تحدثنا عن التعايش السلمي الذي تعيشه مدينة النهود منذ سحيق الزمان فإن وراءه عمل وفلسفة ارتكزت عليها الإدارة الأهلية لتجعل الصورة الماثلة الآن تزينها روح التآخي والسماحة والطيبة. فالشيخ(عبد الرحيم أبو دقل) النموذج المتفرد في الشجاعة والشهامة، والشيخ محمد أبو جلوف، والشيخ منعم منصور ـ الذي اختير في العام 1928م ناظر عموم قبائل (حمر) بعد أن أتي به من قرية (أبو جفالة) بريفي أبي زبد التي آثرت والدته أن تسكن فيها وتبتعد به بعيداً عن ضوء وبريق الحكم بعد مقتل والده ، إلا أنَ الأقدار حتمت عليه أن يتسلم قيادة القبيلة منذ تاريخ تعيينه حتى العام 1979م حيث فارقت الروح الجسد. ثم جاء ابناه منصور وعبد القادر على التوالي كما أوضحنا. وكل هؤلاء الزعماء وضعوا بصمات واضحة في خارطة (حمر) بمختلف صنوفها وقدَموا إسهامات قيمة على الصعيدين المحلي والقومي فهم جميعاً جديرون بالاحترام . { إن سكان النهود كما أسلفنا - ينحدرون من قبائل شتى تعيش في وئام وسلام ، وهنا يأتي دور الإدارة الأهلية لإدامة هذا التعايش السلمي في المدينة من خلال المؤازة التي تقدمها دوماً للإدارة المحلية في النهود وأريافها ، فلتمضِ الإدارة الأهلية على هذا النهج باعتبار أنها الذراع الأيمن الذي يقوِّي الحكم المحلي. الرؤى المستقبيلة لمدينة النهود .. تنمية وازدهار { إن مدينة النهود أُهملت كثيراً من قبل الحكومات السابقة فلم تشهد أي تطور يذكر على مر الحقب السياسية في السودان. وعندما اتخذ السودان النظام الفيدرالي كاسلوب للحكم، ووفقاً لذلك قُسَمت كردفان الكبرى إلى ثلاث ولايات، اختيرت الفولة عاصمة لولاية غرب كردفان بدلاً من مدينة النهود، وبالطبع فإن هذا القرار- في تقديرنا- جانبه الصواب كثيراً. فليس هنالك أدنى مقارنة بين النهود والفولة. ورغم أن المدينة شهدت قيام بعض المشاريع المهمة كالكهرباء وغيرها، إلا أنَ طريق النهود الأبيض الذي اكتمل تعبيده، رغم التأخير الذي صاحب اكتماله، يمثل نقطة محورية ستحدث نقلة نوعية كبيرة في نهضة المدينة وتطورها.{ والنهود ينبغي أن تبقى ضمن ولاية شمال كردفان لأسباب عديدة لا نستطيع أن نعددها في هذا المقال، ولكننا نعد القارئ الكريم بتناول هذا الموضوع في حلقات متتابعة قريباً إن شاء الله . وتحتاج مدينة النهود إلى حل مشكلة المياه فيها حلاً جذرياً وبأسرع مايمكن، كما أنَ التعليم العام يحتاج إلى مراجعة شاملة. ونتطلع كذلك لإقامة العديد من المشروعات الاقتصادية خاصة أن المدينة تتوفر فيها المواد الخام . كلَ ذلك من أجل إحداث نهضة تنموية شاملة لتقليل حدة الفقر وسط السكان. وأخيراً تبقى النهود مدينة بنكهة خاصة.
...تابع القراءة

| 0 التعليقات ]

عثمان حسين جبارة ... مبدع من مدينتي غرب الجبيل ... مدينة النهود ابتدأ دارساً بمدرسة الغربية (ج) الابتدائية ثم النهود الجديدة المتوسطة ثم النهود الثانوية ثم معهد السودان العلمي ثم جامعة النيلين تخرج في كلية الآداب بدرجة البكلاريوس ... يتصف شعره بالوثوق بالموضوع لا التواصل معه وهي ميزة رائعة من أخي وصديقي عثمان حسين ... لذا نجد الخيال معانقاً عقله فيغلفه بروعة وجدانه ويخرج لنا إحساس رائع ... كما أنه يمتاز بضبط الوزن والقافية ويجد نفسه كثيراً في بحر المتقارب والرمل

يـــــا فـتــاتــي كــيــف أكــونــك
أو أرسم لوحـة سكونـك
و أنــا بـيـن هــواك ومقـصـلـة ظـنـونـك
أبحـث عــن مداخـلـك أتحسـس أنغـام لحونـك
أتنسـم إمتنـاع شــذاك أعانـد إنكسـار جفونـك
وتخطيـت كـل المرافـي وشوقـي لمرفـأ عيونـك
ولا أمـلــك دلــيــل سـوى عتمـة ظنـونـك
آه حـبــيــبــتــي كيـف أحـيـى بـدونـك
لقـد ملـنـي الإنتـظـار وأصبـحـت مجـنـونـك
ويـمـتـد جـنـونــي كلمـا أفـردتـي لـونـك
فـخــذي إنـشـراحـي وهاتـي دفقـات شجونـك
وأجعليني على خزائن هواك أو حتـى ظلمـة سجونـك
أنا لا أطمـع فـي الحيـاة إلا أن أكـــونــــك
وأغـرد عنـد التـلاقـي فــي وارف غصـونـك
وأرى مدامـع الفـرحـة تعانـق مرتـع جفـونـك
وأرى فـيـك نـفـسـي وقبـل روحـي أصونـك
...تابع القراءة

| 0 التعليقات ]

نجد أن تراث المنطقة يتألف من عدة مواضيع منها " الكدنداية والطنبور والسيرة و الدوبيت والجراري وسأعرض بعض المقاطع من التراث ومنها التي تغنى بها المبدع " صديق عباس ":

جفلت بيك أم قجة وطالت بيك المدة
الزول السنو فضة مالو السلام ما برده
قليبي الفرّة عشية أظنيتو طاري الجية
غني معاي يابنية لبن أم زور طاب ليّ

وهذا المقطع

يا يمة هوي أني الزول بريده وخاته حياتي في إيده
ود عمي أليتو بالحرقة ومن زولي مابريد الفرقة

إذا تمعن السامع قليلاً في محتوى هذا المقطع البسيط .. فهو يحمل مضمون حرية الإختيار الآن للفتاة .. والتي كانت محكومة ( بود عمها ) في السابق .. وتقول بواضح العبارة ( بهوي ) التحذيرية انها تحب إنسانا وأنها لن تتزوج إبن عمها مهما حصل ..
وهناك العديد من المقاطع التراثية وإذا أردنا أن نعرضها لأخذت منا عدد من الأيام والأوراق .. والحق يقال تحتاج إلى باحث يكرس لها جهده وأفكاره ووقته حتى يخرجها كما يجب ويليق بها وبتراثنا الجميل الغني بالعبارات السهلة والحكم والوصف الحي .. وكما هو الحال فإن الجمال والروعة التي يتميز بها شعراء المنطقة فهو آت من تعدد القبائل المتواجدة هناك مما يجعل طعماً خاصاً لأهلها ولا أعني أن هناك فرق في المعاني والمقصد ولكن تعدد التراث وامتزاجه ببعضه أدى إلى روعة ما يكتبه ويتغنى به .. وأحياناً يرتجل أهل المنطقة الغناء إرتجالاً فمثلاً الحكامة .. هي شاعرة غالباً تستعمل السجع في كلماتها وترتجلها في المناسبات الخاصة والرسمية .. والطنباري له كلماته القوية والمعبرة عن المناسبات والأحداث فهو ينقل خبراً ما أو حدث إلى الجمهور المتواجد بالحفلة بطريقة إرتجالية ولحن جديد بالرغم أن الإلحان تبدو للسامع متقاربة ولكنه ير تجلها ويرددها لأجل أن يستوعبها " الشيالة " وغالباً ما تكون من مقطعين أو ثلاثة وسأذكر إحداها

يا قماري قوقي ليّ وريني شن حصل للحبيب
طيري وقولي وليه زولك بدور لو طبيب
يداوي قليبو الإنجرح مادام معاك مافي نصيب

ورغم بساطة الكلمات نرى أنه سأل القماري ولم يقل كلميني لأن الكلام جاف وقد يجرحه ولكنه إستعمل ( قوقي) أي أطلقي لحنك وأخبريني عن حبيبي ولم يأتي برد القماري وكأنما أوصل مضمون الرد خيالياً وأمرها مباشرة بالذهاب وإخبار الحبيب بأنه يحتاج إلى طبيب يداوي قلبه المجروح ويبدو أن الحبيب هجره أو إصطفى سواه لأنه ألحق مادم معاك مافي نصيب وفي الغزل صراحة يرتجلها الطمباري في حينها مثلا

اللابسة التوب الإخيضر أني قليبي فر ليك
لوقالو عنتر مجنون ليلى أني الجنيت بيك

وهناك العديد العديد من التراث والأغاني التراثية في المنطقة وكما أسلفت فإن أردنا أن نتطرق إليها جميعها لأخذت منا صفحات وصفحات والأجدر بها باحثاً يجمع أشتاتها ويعرف تفاصيلها.. ويعرف بها خير تعريف .
وللحديث عن قبائل المنطقة إضافة للقبيلة الأم نجد للعلم لا للحصر جميع القبائل السودانية تقريباً قبائل الجنوب والشمال والغرب والقليل من الشرق مما أدى ذلك إلى تعدد الثقافات فجعل المدينة تزخر بثقافة ضخمة وتراث متكامل وإنصهار القبائل مع بعضها وتصاهرهم صنع ذاك التوازن الإجتماعي وجعل الفرد من بينهم لا يتميز عن الآخر ، وهذا التعدد يعني كثرة اللهجات واللكنات ولكن عندما نسمع قصيدة أو نقرأ قصة فإننا نجد لغة واحدة " حسب مقتضيات المؤلف" وهذا حسب رأي يرجع إلى البيئة المحيطة بالمؤلفين والطبيعة لها الأثر الأكبر في التكوين النفسي والتأثير الإيجابي لتفكير الكاتب وسوقه إلى المواضيع التي منها يستوحى المؤلف ... وإذا نظرنا إلى كلمات شاعرنا عمر الأحدب

جدي الريل أبو كزيمة تعال نتمشى في الغيمة
غيمة ريد تصب في رهيد شواطيه الخضر ديمة

سنرى حتماً تأثير البيئة على تفكير الشاعر وبما اننا بعيدون كل البعد عن النيل والبحر إلاّ أن للرهد في خريف الريف منظر قد يكون يماثل البحر ولكن شواطئه لا تفتأ من أن تكون خضراء تسر الناظر وتشرح صدر المتكدر وتجذب إليها خيال العاشق وهذا حسب فهمي للمقطع .. ورؤيتي للمعنى .. وللشاعر إحساسه الخاص وقت الكتابة وللقارئ أو المستمع فهمه الخاص وقت القراءة >>>
للموضوع نهاية ستأتي قريبا

عمر حبيبي
رابط الصفحة الأصلية

عمر حبيبي merart@gmail.com +249 122909120 http://www.daleelart.com/
...تابع القراءة

| 0 التعليقات ]


طلال عبد المحمود الشريف من مواليد مدينة النهود - حي البخيت 1983 ، تلقى تعليمه الأساسي بمدرسة ( أبوعنجة ) ثم مجمع المنصور الإسماعيلي ، المرحلة الثانوية : النهود النموذجية ، دبلوم علوم المختبرات الطبية جامعة كسلا كلية الطب والعلوم الصحية ، يدرس الآن بكلية شرق النيل بكلاريوس علوم المختبرات الطبية . شارك في عدة منتديات أدبية بكسلا وأحرز المركز الثاني في مسابقة شعراء الجامعة أحرز المركز الأول في مسابقة الشعراء الشباب التي نظمها معهد تنمية المجتمع بكلية شرق النيل 2008 . له ديوان شعر تحت الطبع بعنوان ( طلة عيون السحاب )
محطات الوداع :
ن –
نستبيح صمت المشاوير والسهاد
سمار عليى دربك والليل أغنيات
غنت عصافيرك
عكس الحروف الكان شايلاها في جواك
بين الكلام وسكات
تسرق مواعيدك دهشة حضور الصمت
حضن السحاب الشال
طفل المطر بكاي
أنا كنت بشتاق ليك بتنفسك في الجوف
أنا مانسيتك يوم رغم السفر والخوف
شايل خيال عينيك في السكة والمشوار
كحلت عين الشمس
من صبحك الناصع
ورسمت من عينيك
كل الفرح في الكون
مديت ضفايرك موج
والليل عباية الخوف
يا جذوة في جواي
مطر العشم راجيك

هـ -
هدت مشوايرك جبال صبري ومشت
راجيك أنا
مسافة فرقة الليل والنهار
ما معنى هذا الإنتظار
كل الطيور ما بين عيونك والسما
إتحتحتن مشن المطار
إتجرح الجوف من غيابك
إتبرجت كل الدموع
ظهرت حقيقة شوفتي ليك
حتى المطر
فارق سماوات المدائن
قطع التذاكر للعيون سافر وراك
فتشت ليك
لقيت حروفك في غناي
كيمياء المواعيد البتربط
بيني بينك في الدفاتر والشعر
حفظت ليك كل القوانين والنصوص
ولسه منتظر التعادل
والمحطات السعيدة
شان تفجر كل مسامات الشواريع بالضحك
حتى الفصول جات تقتبس مشهد حضورك
وتنتظر لحظة عناقك والسحاب
طلع القمر ما بين شبابيك الغيوم
تاوق عليك
خجلان يفتش في عينيك
لملم نجيمات السعد ساقن عليك
لحن قصايد شوقي ليك
غنت عليك شمس الأرض
صوت العصافير والنوافير والشجر
كورال من النور والنسيم
أ –
أنا في خضم صمتك
قافلة شجون الموج
وقفت ناديتك
يا .... سمراء
غنيتك بلا إستئذان
وسميتك ملاك إنسان
دسيتك في جوف الضوء
وشلتك في خلايا الروح
مسارات العصب ألحان
بنيت من حبي قصر الشوق
جدار غنوات
وسقف اللقيا لعينيك
غرف ممهورة بريدك
مطرزة بخصل شعرك
ملايات الفرح ألحان
ويا نجم السعد قول ليها
صوتك في الليالي وتر
يشيل عينيك من الصحراء
يعانق تربة النيلين
وفي أرض البشائر شوق
( جبل حيدوب ) ينادي عليك في عز الليل
يا غيم الحنان أشهد
أنا البعشق سحاباتك
أكحل عيني من طيفك
وأطرق حلقي بحرفك
رسمتك في الكتب تاريخ
وغنيتك نشيد أطفال
لقيتك في تراب بلدي وتراث أهلي
بتطلعي من شرايين الوجع آهات
وتمرقي من مسامات الفرح غنوات
وتصعدي زي شتول رويانة
من شوق الأرض مسقية
طالعة على سماك دربين
معاك سكت الكلام الشين
وإتبكم لسان الريح
وزانت كل نجوم الليل
طلع صوتك بشارة خير
وناديتك
أحبك يا عيون الغيم
بحبك يا سحابة ريد
بحبك يا حلم مدسوس في جوف الخوف
بحبك وياني منتظرك
مدى الأيام .
د –
دي الحقيقة الكامنة في رحم التردد والظنون
خايف أقول لك يا مناي
سبب العذابات والسهر
خايف من الماضي العنيد
دمع المناحات والفشل
وأنا لسه متوسد دموع
أنا لسه ساكني الحزن
متوشح الصبر الجميل
والليل غطى الحزن المبهرج في الملامح والمسام
صبحك وشمس الكون غياب
جدل القوانين والنظم
من ضحكتك إتلونت مدن الضباب
إتغيرت من رقتك
كل التضاريس والسماوات والأرض
شال الشفق لون الخجل
إتحننت كل الغيوم
وأنا في لحاف الذكريات
جريت غطاي
وقريت تواريخ الغرام
كل الأساطير تحكي عنك يا منارة
كنتي في ماضي الوجود
ولسه في الحاضر قصيدة
وزينة الوطن الحضارة
لسه راجيك يا سحابة
في إنتظار عينيك تطل
تديني يا حلوة البشارة
...تابع القراءة